في وقت تعمل الولايات المتحدة جاهدة لإقناع الغرب بالتخلي عن "هواوي" لمخاوف أمنية، سعت مجموعة التكنولوجيا الصينية العملاقة لتعزيز موقعها في أفريقيا، حيث رسّخت وجودها أساساً.

وتولّت "هواوي" دوراً قيادياً في تطوير شبكات الهواتف المحمولة من الجيل الخامس (5 جي) حول العالم. لكنها باتت في وضع صعب منذ أعلنت واشنطن أن أجهزتها قد تستخدم للتجسس لصالح الاستخبارات الصينية.

وتنفي ثاني أكبر شركة مصنعة للهواتف الذكية في العالم الاتهامات. لكن الولايات المتحدة حضت الدول على تجنبها فيما ابتعدت عنها عدة شركات بينها "جوجل" التي يُستخدم نظامها التشغيلي "أندرويد" في معظم الهواتف الذكية.

وبينما تتبارز واشنطن وبكين في إطار الحرب التجارية المتصاعدة، تواجه دول العالم معضلة الاختيار بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

ودخل الرئيس الروسي فلايديمير بوتين على خط المواجهة الجمعة، فندد بما اعتبرها محاولات من واشنطن لـ "إخراج هواوي من الأسواق العالمية بشكل غير رسمي". وفي وقت سابق من الأسبوع ذاته، وقّعت مجموعة "إم تي إس" الروسية العملاقة للاتصالات اتفاقاً مع "هواوي" لتطوير شبكة "5 جي" في البلاد. 

وأفاد الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي كان ضيف بوتين في منتدى اقتصادي عقد في "سان بطرسبورج"، أن بكين "مستعدة لمشاركة الاختراعات التكنولوجيّة مع كافة الشركاء، وخصوصاً تكنولوجيا الجيل الخامس".

ولكن هل سيجبر النزاع المتصاعد الدول الأفريقية على الاختيار بين الصين، أبرز شريك تجاري للقارة، والولايات المتحدة؟

سعت "هواوي" التي تحولت اليوم إلى عامل رئيسي في التوترات الأميركية الصينية، لترسيخ وجودها في أفريقيا. ووقعت اتفاقية الأسبوع الماضي لتعزيز تعاونها مع الاتحاد الأفريقي.

وقال روبين نيزارد، وهو خبير اقتصاد ومختص في شؤون أفريقيا جنوب الصحراء لدى شركة "كوفاس" الفرنسية للخدمات المالية، إن "هذه طريقة لإظهار أن هواوي لا تزال حاضرة في أفريقيا، وأنهم يريدون البقاء كلاعب أساسي عبر التواجد في قطاع النمو هذا الذي يعد غاية في الأهمية".

ورسّخت هواوي تواجدها في أنحاء أفريقيا منذ انطلقت في كينيا عام 1998. وتعمل حالياً في 40 بلداً وتوفر شبكات الجيل الرابع (4 جي) لأكثر من نصف القارّة.

وستعرض خدمات "5 جي" القادرة على نقل البيانات بسرعة أكبر بكثير، في مصر خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية، التي ستجري من 21 يونيو حتى 19 يوليو.

وقال ساتشو لوكالة "فرانس برس" إن "أفريقيا سوق رصدته هواوي وغذته بفضل استراتيجيتها الجريئة للغاية المبنية على التمويل الرخيص وسرعة التنفيذ". وأضاف أن "كون هواوي جهّزت الاتحاد الأفريقي يعكس كل شيء".

ويتجاوز تواجد "هواوي" في أفريقيا بأشواط مسألة بيع الهواتف الذكية وتأسيس شبكات هواتف محمولة.

وفي جنوب أفريقيا، تنظم المجموعة دورات تدريبية في كبرى جامعات البلاد على غرار دورة متخصصة بشبكات "5 جي" أطلقتها هذا العام.

اقرأ أيضاً: الصين تستدعي شركات تكنولوجيا عالمية على خلفية حظر "هواوي"

وأما الحكومة الكينية، فوقعت اتفاقاً بقيمة 17.5 مليار شيلينغ (172 مليون دولار) مع "هواوي" في أبريل، لتأسيس مركز معلومات وخدمات "المدينة الذكية". 

وتقدم المجموعة الصينية كذلك برنامج مراقبة أطلق عليه "المدينة الآمنة".

وبحسب موقع "هواوي"، بإمكان هذه المبادرة "منع الجرائم التي تستهدف المواطنين العاديين والسائحين والطلبة وكبار السن وغيرهم قبل وقوعها". 

واستخدم البرنامج في نيروبي وموريشيوس حيث تم نشر 4000 كاميرا "ذكية" للمراقبة، في ألفي موقع في أنحاء الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي.

ومع انخراط "هواوي" في أفريقيا لهذه الدرجة الكبيرة، قد تجد القارّة صعوبة في تجنب التحول إلى ضحية عرضية للنزاع الأميركي الصيني.